ولكن غفلوا أن صلة المسلم بنبيه - صلى الله عليه وسلم - ليس متوقفا على ليلة معينة، بل المسلم صلته بنبيه في كل أحواله اقتداء به، وتأسيا بسنته، وعملا بشريعته، يسمع أمره ويمتثل له، ويجتنب نهيه، ويتأدب بما أدب به، ويتخلق بأخلاقه قدر ما يستطيع، هذا خلق المسلم المحب للرسول - صلى الله عليه وسلم-.
وإذا تأملنا هذه المناسبات وجدناها في الغالب تقوم على أمور بدعية تلقى فيها الكلمات والقصائد التي تشتمل على الغلو فيه - صلى الله عليه وسلم - وقصده من دون الله، والتعلق به من دون الله، مع ما يصحبها من أمور تخالف شرع الله فإن أي بدعة تقام فلا بد أن تكون على حساب سنة تمحى، وأي بدعة تقام فهي تشتمل على مخالفات شرعية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (١)».
فإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقم احتفالا بمولده ولا بمبعثه ولا بمهاجره وخلفاؤه كذلك، فالخير معهم والشر فيما بعدهم، وكون هذا الاحتفال قال به بعض من انتسبوا للعلم ودعوا إليه ليس مبررا؛ لأن المهم اتباع الكتاب والسنة، فلو كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه أحد فعل شيئا من هذا لقلنا أنه سنة، ولكن لما لم ينقل لنا ذلك دل على أنه أمر مبتدع.
(١) رواه البخاري في (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ٢٦٩٧، ومسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم ١٧١٨.