للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحل ثانيا) وأما إن كان من أهل التقليد البحت كما هو في أهل زماننا فقد نصوا على أن جميع الأئمة بالنسبة إليه سواء، والعامي لا مذهب له وإنما مذهبه مذهب مفتيه، وقوله أنا حنفي أو مالكي كقول الجاهل أنا نحوي، لا يحصل منه سوى مجرد الاسم فبأي العلماء اقتدى فهو ناج على أن الكلام وراء ذلك فقد نصوا على الجواز والوقوع بالفعل في تقليد المجتهد لغيره والكلام مبسوط في ذلك في كثير من كتب الفقه، وقد حرر البحث أبو السعود في شرح الأربعين حديثا النووية وألف في ذلك رسالة عبد الرحيم المكي فليراجعها من أراد الوقوف على التفصيل.

فإن قيل: قد ذكرت أن الخنزير محرم وهو من طعامهم فلماذا لا يجعل مخصصا بالحلية بهذه الآية أي آية طعامهم وإذا جعلت آية تحريمه محكمة غير منسوخة فكذلك تكون المنخنقة، ولماذا تقيسها على مسألة التسمية ولا تقيسها على مسألة الخنزير وأي مرجح لذلك؟.

فالجواب أن المأكولات منها ما حرم لعينه ومنها ما حرم لغيره، فالخنزير وما شاكله من الحيوانات محرمة لعينها ولهذا تبقى على تحريمها في جميع أطوارها وحالاتها. وأما متروك التسمية أو ما أهل به لغير الله والمنخنقة فإن التحريم أتى فيه لعارض وهو ذلك الفعل ثم أتى نص آخر عام في طعام أهل الكتاب وأنه حلال فأخرج منه محرم العين ضرورة وبالإجماع أيضا وبقى المحرم لغيره.

وهو مسألتان: إحداهما مسألة التسمية.

والثانية مسألة المنخنقة.

فبقينا في محل الشك لتجاذب كل من نص التحريم والإباحة لهما، فوجدنا إحداهما وهي مسألة التسمية وقع الخلاف فيها بين المجتهدين من الصحابة وغيرهم وذهب جمع عظيم منهم إلى الإباحة وبقيت مسألة المنخنقة التي يتخذها أهل الكتاب طعاما لهم مسكوتا عنها فكان قياسها على مسألة التسمية هو المتعين لاتحاد العلة. وأما قياسها على مسألة الخنزير فهو قياس مع الفارق؛ فلا يصح إذ شرط القياس المساواة وإنما أطلنا الكلام في هذا المجال لأنه مهم في هذا الزمان وكلام الناس فيه كثير، والله يؤيد الحق وهو يهدي السبيل أ. هـ.