للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواة الإفراد ليسوا هم الأكثرين، وأن الأحاديث الصحيحة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالنسكين معا، كما تقدم.

وذكر الخطابي في كيفية الجمع: (أن كلا أضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أمر به اتساعا، ثم رجح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردا (١). وكذا قال عياض، وزاد: وأما إحرامه هو فقد تضافرت الروايات الصحيحة بأنه كان مفردا، وأما رواية من روى أنه كان متمتعا، فمعناه أمر به؛ لأنه صريح بقوله: «ولولا أن معي الهدي لأحللت (٢)»، فصح أنه لم يتحلل، وأما رواية من روى القران، فهو إخبار عن آخر أحواله، لأنه أدخل العمرة على الحج لما جاء إلى الوادي، وقيل له: «قل عمرة في حجة (٣)» اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: (وهذا الجمع هو المعتمد، وقد سبق إليه قديما، ابن المنذر، وبينه ابن حزم في حجة الوداع بيانا شافيا، ومهد له المحب الطبري تمهيدا بالغا، يطول ذكره، ومحصله: أن كل من روى عنه الإفراد حمل على ما أهل به في أول الحال، وكل من روى عنه التمتع أراد ما أمر به أصحابه، وكل من روى عنه القران أراد ما استقر عليه أمره، ويترجح رواية من روى القران بأمور. . .) ثم ذكرها الحافظ ابن حجر (٤).

قلت: هذا الذي ذكروه يعترض عليه بأمور:

منها: أن الأحاديث الصحيحة قد تضافرت على أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا وليس مفردا كما ذكروه، وقد تقدم بيان ذلك.


(١) معالم السنن ٢/ ١٦١
(٢) صحيح البخاري الحج (١٦٥١)، سنن النسائي كتاب مناسك الحج (٢٨٠٥)، سنن أبو داود المناسك (١٧٨٧)، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٨٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٦٦).
(٣) صحيح البخاري الحج (١٥٣٤)، سنن أبو داود المناسك (١٨٠٠)، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٧٦)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٤).
(٤) فتح الباري٣/ ٤٢٩