للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة والسلام، فلم يكن الله ليختار لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من السبل إلا أقومها وأفضلها، وقد اختار لهم المتعة (١).

وقد نوقش الاستدلال: بالأحاديث التي أمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بفسخ الحج إلى عمرة، وتأسفه على سوق الهدي، ليفعل مثل ما أمرهم به، بأنه إنما أمرهم بذلك ليبين لهم جواز العمرة، وليبطل ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الاعتمار في أشهر الحج (٢).

وأجيب عن هذه المناقشة:. بما تقدم في مبحث فسخ الحج إلى عمرة (٣).

أما القول بأنه قال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة (٤)»؛ تطييبا لقلوب أصحابه، لحزنهم على فوات موافقته، ففاسد، لأن المقام مقام تشريع للعباد، وهو لا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم أن يخبر. مما يدل على أن ما فعلوه من التمتع أفضل مما استمروا عليه من القران، والأمر على خلاف ذلك، وهل هذا إلا تغرير يتعالى عنه مقام النبوة (٥).

الدليل الثاني: أن التمتع منصوص عليه في كتاب الله تعالى، بقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٦) وذلك دون سائر الأنساك (٧)


(١) شرح العمدة ١/ ٤٤٢، ٤٤٣، وانظر: المغني ٥/ ٨٨.
(٢) انظر: المصدرين السابقين.
(٣) ص ٢١٥ - ٢٢٧.
(٤) صحيح البخاري الحج (١٦٥١)، صحيح مسلم الحج (١٢٤٠)، سنن النسائي كتاب مناسك الحج (٢٨٠٥)، سنن أبو داود المناسك (١٧٨٧)، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٨٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٦٦).
(٥) انظر: نيل الأوطار ٤/ ٣١١.
(٦) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٧) المغني ٥/ ٨٨.