للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فالتحقيق في ذلك أنه يتنوع باختلاف حال الحاج، فإن كان يسافر سفرة للعمرة وللحج سفرة أخرى، أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم بها حتى يحج، فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة) (١) وهذا هو الإفراد الذي فعله أبو بكر وعمر، وكان عمر يختاره للناس، وكذلك علي رضي الله عنه (٢).

ثم قال: (وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس، وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة، ويقدم مكة في أشهر الحج، فهذا إن ساق الهدي فالقران أفضل له، وإن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل؛ فإنه قد ثبت بالنقول المستفيضة التي لم يختلف في صحتها أهل العلم بالحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج حجة الوداع هو وأصحابه، أمرهم جميعهم أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي، فإنه أمره أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ساق الهدي هو وطائفة من أصحابه وقرن بين الحج والعمرة، فقال: «لبيك عمرة وحجا (٣)». (٤).

وقال شيخ الإسلام في موضع آخر - أثناء كلامه على الراجح من الأنساك -: (ومن سافر سفرة واحدة واعتمر فيها ثم أراد أن يسافر أخرى للحج فتمتعه أفضل له من الحج، فإن كثيرا من الصحابة الذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا قد اعتمروا قبل ذلك، ومع هذا


(١) مجموع الفتاوى ٢٦/ ١٠١.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٦/ ٨٥.
(٣) صحيح البخاري الحج (١٥٥١)، صحيح مسلم الحج (١٢٣٢)، سنن الترمذي الحج (٨٢١)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٧٣١)، سنن أبو داود المناسك (١٧٩٥)، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٦٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٩٩)، سنن الدارمي المناسك (١٩٢٤).
(٤) مجموع الفتاوى ٢٦/ ١٠١.