للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية من سورة المائدة. هذه الآية الكريمة قد دلت على حل طعام أهل الكتاب والمراد من ذلك ذبائحهم وهم بذلك ليسوا أعلى من المسلمين بل هم في هذا الباب كالمسلمين فإذا علم أنهم يذبحون ذبحا يجعل البهيمة في حكم الميتة حرمت كما لو فعل ذلك المسلم لقول الله عز وجل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} (١) الآية.

فكل ذبح من مسلم أو كتابي يجعل الذبيحة في حكم المنخنقة والموقوذة أو المتردية أو النطيحة فهو ذبح يحرم البهيمة ويجعلها في عداد الميتات لهذه الآية الكريمة، وهذه الآية يخص بها عموم قوله سبحانه: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٢) كما يخص بها الأدلة الدالة على حل ذبيحة المسلم إذا وقع منه الذبح على وجه يجعل ذبيحته في حكم الميتة، أما قولكم إن المجازر المسيحية درجت على ذبح الخرفان بواسطة الصرع الكهربائي وفي ذبح الدجاج بواسطة قصف الرقبة فقد سألت بعض أهل الخبرة عن معنى الصرع والقصف لأنكم لم توضحوا معناهما فأجابنا المسئول بأن الصرع هو إزهاق الروح بواسطة الكهرباء من غير ذبح شرعي وأما القصف فهو قطع الرقبة مرة واحدة فإن كان هذا هو المراد من الصرع والقصف فالذبيحة بالصرع ميتة لكونها لم تذبح الذبح الشرعي الذي يتضمن قطع الحلقوم والمريء وإسالة الدم وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر (٣)».

وأما القصف بالمعنى المتقدم فهو يحل الذبيحة لأنه مشتمل على الذبح الشرعي وهو قطع الحلقوم والمريء والودجين وفي ذلك إنهار الدم مع قطع ما ينبغي أما إن كان المراد بالصرع والقصف لديكم غير ما ذكرنا فنرجو الإفادة عنه حتى يكون الجواب على ضوء ذلك وفق الله الجميع لإصابة الحق.

المسألة الثانية وهي شحم الخنزير فالجواب عن ذلك أن الذي عليه الأئمة الأربعة وعامة أهل العلم هو تحريم شحمه تبعا للحمه وحكاه الإمام القرطبي والعلامة الشوكاني إجماع الأمة الإسلامية لأنه إذا نص على تحريم الأشرف فالأدنى أولى بالتحريم ولأن الشحم تابع للحم عند الإطلاق فيعمه النهي


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) سورة المائدة الآية ٥
(٣) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥٠٩)، صحيح مسلم الأضاحي (١٩٦٨)، سنن الترمذي الأحكام والفوائد (١٤٩١)، سنن النسائي الضحايا (٤٤١٠)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٤٦٣)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٧).