للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عنه «أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة وأكل منها فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عن ذلك فقالت أردت قتلك فقال ما كان الله ليسلطك على ذلك (١)» وفي مسند الإمام أحمد عن أنس أيضا «أن يهوديا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه (٢)» والإهالة السنخة ما أذيب من الشحم والألية وتغيرت رائحته. وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال «كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم فنزوت لأخذه فالتفت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فاستحييت منه (٣)» وفي رواية لمسلم عنه قال «أصبت جرابا من شحم يوم خيبر فالتزمته فقلت لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتسما (٤)». فهذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقراره في حل ذبائح أهل الكتاب.

وأما الإجماع فقد حكى إجماع المسلمين على حل ذبائح أهل الكتاب غير واحد من أهل العلم منهم صاحب المغني ص٥٦٧ ج٨ ط دار المنار ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية قال ص٢٣٢ مج٣٥ من مجموع الفتاوى لابن قاسم ومن المعلوم أن حل ذبائحهم ونسائهم ثبت بالكتاب والسنة والإجماع وقال ما زال المسلمون في كل عصر ومصر يأكلون ذبائحهم فمن خالف ذلك فقد أنكر إجماع المسلمين أهـ ونقل الإجماع أيضا ابن كثير في تفسيره ص٧٨ ج٣ المطبوع مع تفسير البغوي.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا ص٢٢٣ - ٢٢٤ من المجلد السابق: بل الصواب المقطوع به أن كون الرجل كتابيا أو غير كتابي هو حكم مستقل بنفسه لا ينسبه وكل من تدين بدين أهل الكتاب فهو منهم سواء كان أبوه أو جده داخلا في دينهم أو لم يدخل وسواء كان دخوله قبل النسخ والتبديل أو بعد ذلك وهذا مذهب جمهور العلماء كأبي حنيفة ومالك والمنصوص الصريح عن أحمد وإن كان بين أصحابه في ذلك نزاع معروف وهذا القول هو الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم ولا أعلم في ذلك بين الصحابة نزاعا وقد ذكر الطحاوي أن هذا إجماع قديم أهـ كلامه رحمه الله.

وبهذا تحدد المقام الأول وهو حل ذبيحة أهل الكتاب (اليهود والنصارى) بالكتاب والسنة والإجماع فأما غيرهم من المجوس والمشركين وسائر أصناف الكفار فلا تحل ذبيحتهم لمفهوم قوله تعالى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٥) فإن مفهومها أن غير أهل الكتاب لا يحل لنا طعامهم أي ذبائحهم ولأن الصحابة رضي الله عنهم لما فتحوا الأمصار امتنعوا عن ذبائح المجوس. وقال في المغني ص٥٧٠ من الجزء السابق أجمل أهل العلم على تحريم صيد المجوسي وذبيحته إلا ما لا ذكاة له كالسمك والجراد وقال وأبو ثور أباح صيده وذبيحته وهذا قول يخالف الإجماع فلا عبرة به ثم


(١) صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (٢٦١٧)، صحيح مسلم السلام (٢١٩٠)، سنن أبو داود الديات (٤٥٠٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢١٨).
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢١١).
(٣) صحيح البخاري فرض الخمس (٣١٥٣)، صحيح مسلم الجهاد والسير (١٧٧٢)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٣٥)، سنن أبو داود الجهاد (٢٧٠٢)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٨٦)، سنن الدارمي السير (٢٥٠٠).
(٤) صحيح البخاري فرض الخمس (٣١٥٣)، صحيح مسلم الجهاد والسير (١٧٧٢)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٣٥)، سنن أبو داود الجهاد (٢٧٠٢)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٥٥)، سنن الدارمي السير (٢٥٠٠).
(٥) سورة المائدة الآية ٥