للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهناك بعض العلماء إذا سئل عن الدجاج مثلا قال سم الله وكل مستدلا بحديث عائشة رضي الله عنها جاء فيه: «إن أناسا قالوا يا رسول الله إن قوما حديثي العهد بجاهلية يأتوننا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا فقال سموا أنتم وكلوه (١)» رواه البخاري وغيره (٢).

ففي هذا الحديث الشريف لم يكن هناك شك إلا هل ذكر اسم الله أم لا وإلا فالذبح شرعي لا شك في ذلك.

مع أن معظم العلماء من السلف والخلف لا يجيز أكل ما لم يذكر اسم الله عليه مستدلين بقول الله تعالى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (٣) الأنعام.

وهذا مع الذكر أما إن ذبح ونسي أن يذكر الله غير عامد لذلك فقد ورد تفصيل ذلك عن بعض الأئمة رضي الله عنهم فيما يلي (٤).

يقول الإمام أبو حنيفة وأصحابه ومالك وأحمد بن حنبل في أشهر وأصح الروايات عنهم أن التسمية إذا تركت على الذبيحة عمدا لم يحل أكلها وإذا تركت نسيانا حل أكلها وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قد سئل عن الذبيحة التي يتيقن أنه لم يسم عليها هل يجوز أكلها فأجاب بقوله (الحمد لله. التسمية واجبة عليها بالكتاب والسنة وهو قول جمهور العلماء لكن إذا لم يعلم الإنسان هل سمى الذابح أم لم يسم أكل منها وإن تيقن أنه لم يسم لم يأكل وكذلك الأضحية. . .

ويقصد بذلك شيخ الإسلام رحمه الله إذا كان الذابح أهلا للذبح وهو المسلم الذي يذبح على الطريقة الشرعية ويذكر اسم الله عليها. . فإن نسي ذكر اسم الله جاز الأكل كما في الحديث المشهور «سم الله وكل (٥)». . لكن إذا تركت التسمية عمدا لا تؤكل. . .

أو أن يكون الذابح كتابيا لم ينحرف عن اعتقاده باليهودية إن كان يهوديا أو نصرانيا محافظا على معتقده إذ كثرت في العالم الغربي الانحرافات وانتشرت عندهم المذاهب المعارضة لكل الديانات مثل الشيوعية الخبيثة التي تنكر وجود الله وجميع الديانات السماوية ولا يوجد في اليهود والنصارى الذين أبيح لنا طعامهم أي ذبائحهم لا يوجد فيهم من هو محافظ على معتقده إلا شرذمة قليلة يدعون برجال الدين وهم بعيدون كل البعد عن الذبائح والذبائح إذ أن لهم مناصب رفيعة ومكانة عالية فلا يتولى الذبح هناك إلا بعض صغار العمال من الشباب المنحرف الذي لا يلتزم بدين ومعظمهم دهري وثني. . .

هذا ولا يخفى على مسلم أن أي ذبيحة ذبحت على غير الطريقة الإسلامية كالغطس بالماء الحار


(١) صحيح البخاري البيوع (٢٠٥٧)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٣٦)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨٢٩)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٧٤)، موطأ مالك الذبائح (١٠٥٤)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٦).
(٢) من كتاب الإسلام في مواجهة التحديات للمودودي ص١٤١.
(٣) سورة الأنعام الآية ١٢١
(٤) المصدر نفسه ١٤٠ - مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ص٢٤٠.
(٥) صحيح البخاري الأطعمة (٥٣٧٦)، صحيح مسلم الأشربة (٢٠٢٢)، سنن أبو داود الأطعمة (٣٧٧٧)، سنن ابن ماجه الأطعمة (٣٢٦٧)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٦)، موطأ مالك الجامع (١٧٣٨)، سنن الدارمي الأطعمة (٢٠١٩).