إن الإسراف في تناول الطعام والشراب يؤدي إلى اختزانها في الجسم، وتحولها إلى لحم وشحم وبدانة وبطنة، تقعد بالإنسان عن كثير من أعماله ونشاطاته. وقديما قيل: البطنة تذهب الفطنة.
وقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قولته المشهورة وحكمته المأثورة: إياكم والبطنة فإنها مكسلة عن الصلاة، مؤذية للجسم، وعليكم بالقصد في قوتكم، فإنه أبعد عن الأشر، وأصح للبدن، وأقوى على العبادة، وإن امرءا لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه.
ومن طريف القول ما أجاب به مسلمة بن عبد الملك ملك الروم، حين سئل: ما تعدون الأحمق فيكم؟ قال مسلمة: الذي يملأ بطنه من كل ما وجد.
وكان فرقد رحمه الله يقول لأصحابه ناصحا: إذا أكلتم فشدوا الأزر على أوساطكم، وصغروا اللقم، وشددوا المضغ، ومصوا الماء مصا، ولا يحل أحدكم إزاره فيتسع معاه، وليأكل كل واحد من بين يديه.
وقد أجمعت الأطباء على أن رأس الداء إدخال الطعام على الطعام، وقالوا: أكثر العلل إنما يتولد من فضول وزوائد الطعام.
إن مراتب الطعام والشراب (الغذاء) كما قسم ذلك ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتابه " الطب النبوي "(١)، مراتب ثلاثة: مرتبة الحاجة، ثم مرتبة الكفاية، وأخيرا مرتبة الفضلة.