للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج: القيء إذا خرج من الإنسان، فإن العلماء اختلفوا فيه - على قولين: القول الأول: أنه إن كان كثيرا نقض الوضوء. وهذا هو مذهب أبي حنيفة والإمام أحمد وقول كثير من الفقهاء من التابعين وجملة من الصحابة رضي الله عنهم، واستدلوا بأدلة منها: حديث أبي الدرداء رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر فتوضأ، قال الراوي: فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت له ذلك، فقال ثوبان: صدق، أنا صببت له وضوءه (١)» رواه أحمد والترمذي وقال هو أصح شيء في هذا الباب.

ومنها: ما رواه إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى عليه وسلم: «من أصابه قيء، أو رعاف، أو قلس، أو مذي، فلينصرف، فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم (٢)» أخرجه ابن ماجه والدارقطني، وقال: الحفاظ من أصحاب ابن جريج يروونه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.

قالوا: وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم ولا نعلم لهم مخالفا من الصحابة، فكان إجماعا. قال ذلك ابن قدامة رحمه الله.

وأيضا قالوا: إن هذا خارج نجس خرج إلى محل يلحقه حكم التطهير. فكان ناقضا للوضوء كالخارج من السبيلين.

والقول الثاني: أنها لا تنقض الوضوء، وهو قول المالكية


(١) سنن الترمذي الطهارة (٨٧)، سنن أبو داود الصوم (٢٣٨١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٤٩)، سنن الدارمي الصوم (١٧٢٨).
(٢) سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٢١).