للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:

أكل لحم الجزور من نواقض الوضوء سواء أكل نيئا أم مطبوخا، وبهذا قال جابر بن سمرة أحد أصحاب الرسول صلى عليه وسلم ومحمد بن إسحاق ويحيى بن يحيى والإمام أحمد وابن المنذر وطائفة من أهل العلم، لما روى أحمد وأبو داود من البراء بن عازب أنه قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه عن لحوم الإبل، فقال: توضأ منها، وسئل عن لحوم الغنم. فقال: لا يتوضأ منها (١)». وما رواه الإمام أحمد من طريق أسيد بن حضير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «توضئوا من لحوم الإبل ولا تتوضئوا من لحوم الغنم (٢)». فأمر صلى الله عليه وسلم بالوضوء من أكل لحم الجزور، والأصل في الأمر الوجوب حتى يوجد من الأدلة الشرعية ما يصرفه عن ذلك، والأصل في الوضوء إذا ورد في الأدلة الشرعية أن يحمل على الوضوء الشرعي المعهود في عرف الشرع وهو الذي أوجبه الله للصلاة، حتى يوجد من الأدلة الشرعية ما يصرفه عن ذلك، ولا نعلم دليلا شرعيا في هذه المسألة يصرف الأمر عن الوجوب إلى الندب، ولا ما يصرف الوضوء عن معناه الشرعي إلى المعنى اللغوي وهو غسل اليدين والمضمضة فقط، فوجب البقاء على


(١) أحمد ٤/ ٢٨٨، وأبو داود ١/ ٢٧، وابن ماجه ١/ ١٦٦.
(٢) أحمد ٤/ ٣٥٢، والترمذي ١/ ٢٦٨، وابن ماجه ١/ ١٦٦.