للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإصابة، حيث تتلقاه بحس واع وذهن منتبه، ثم إن نداء المخاطب بوصفه الشريف دليل على سموه وفضله على غيره.

وهذا ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره حيث نودي بوصفه (الرسول) في آيتين، و (النبي) في ثلاث عشرة آية؛ تشريفا وتكريما له، ودلالة على رفعة قدره وعظيم منزلته عند ربه، وحثا له على تبليغ رسالة ربه ودعوة الناس إلى هذا الدين، وغيره من الأنبياء نودي باسمه العلم.

٢ قال العز بن عبد السلام: " نداء النبي بالنبوة فيه فائدة التفخيم والإكرام، والحث على الطاعة والإذعان؛ شكرا لنعمة النبوة. والنداء بالرسالة فيه الفائدتان المذكورتان في النداء بالنبوة، مع التأكيد بذكر الرسالة، وهي من النعم الجسام لأنها تستلزم النبوة وتحث على تبليغ الرسالة، فما أحسن قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (١) (٢).

ونودي أيضا بوصفين مشتقين من حالته التي كان عليها؛ تأنيسا وملاطفة له، وتثبيتا وتقوية لفؤاده، وهما (المزمل)، (المدثر)، ولا يخفي ما ينطوي عليه العدول عن ندائه باسمه إلى ندائه بهذه الصفات من دلالة على سمو مكانته عند من يخاطبه، وتعريفا لجلالة قدره وعظيم منزلته عند غيره.

وقد أبان هذا بعض المفسرين فيما سبق وقرروه، وذكروا ما تضمنته تلك الآيات من لطائف بيانية ونكات بلاغية تقوي هذا


(١) سورة المائدة الآية ٦٧
(٢) ينظر الإشارة إلى الإيجاز ص ٣٣٣.