بما أن الأرض كرة منتظمة، إذا من الممكن الربط بين أي مكانين على سطحها بعدد كثير من الأقواس. ولكن الاتجاه الصحيح الوحيد بين هذين المكانين هو أقصر هذه الأقواس طولا. أي أن الاتجاه الصحيح للصلاة في أي مدينة على سطح الأرض هو أقصر قوس يربط بينها وبين مكة المكرمة وهذا القوس يكون عادة جزءا من الدائرة العظمى التي تمر بكل من هذه المدينة ومدينة مكة المكرمة، والدائرة العظمى هي الدائرة التي يمر مستواها بمركز الكرة الأرضية.
ولعمل هذا الإسقاط المكي، تصورنا وجود سطح مستو يمس الكرة الأرضية عند مدينة مكة المكرمة، وحددنا على هذا المستوى موقع مكة المكرمة واعتبرناه نقطة الأصل كما حددنا كذلك اتجاه الشمال- أي خط الزوال المار بمكة المكرمة - ثم حسبنا الانحرافات الدائرية بين مكة المكرمة من جهة وبين جميع تقاطعات خطوط الطول والعرض الأرضية من جهة أخرى. وكذلك حسبنا المسافات بين مكة المكرمة وبين جميع هذه الأماكن السابقة.
ومن هذه المعلومات المحسوبة أمكن رسم تقاطعات خطوط الطول والعرض الأرضية على خريطة الإسقاط، محتفظين بالاتجاهات الصحيحة لجميع النقط، وملتزمين بمقياس رسم واحد لجميع المسافات. ومن توصيل نقط التقاطع المذكورة أمكن الحصول على خطوط الطول والعرض الأرضية في إسقاط خاص جديد منسوب إلى مدينة مكة المكرمة، انظر الشكل رقم (٧).
ومن الواضح أنه يمكن بيان حدود القارات الأرضية والممالك والدول، بعد رسم خطوط الطول والعرض، حيث إنها ترتبط بها ارتباطا ثابتا على سطح الكرة الأرضية. وعندما تم توقيع حدود القارات الأرضية السبعة على خريطة الإسقاط، وجدنا أن الحدود الخارجية لهذه القارات يجمعها محيط دائرة واحدة مركزها عند مدينة مكة المكرمة. أي مكة المكرمة تعتبر مركزا وسطا للأرض اليابسة على سطح الكرة الأرضية، انظر الشكل رقم (٨). وكذلك إذا أخذنا في الاعتبار القارات الثلاث أوربا وآسيا وإفريقيا، التي تمثل العالم القديم عند ظهور الرسالة الإسلامية، نجدها كذلك تكاد تحيط بمدينة مكة المكرمة، انظر الدائرة الصغيرة في الشكل السابق.
وهذه الخريطة للعالم تحتفظ بخاصتين من خصائص الإسقاط هما المسافات والاتجاهات الصحيحة بالنسبة إلى مكة المكرمة. كما يظهر على الدائرة الخارجية للرسم الانحرافات الدائرية لجميع الأماكن الأرضية منسوبة إلى مكة المكرمة، أما المسافات فيمكن قياسها مباشرة على هذه الخريطة.