للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه جل وعلا معهما بعنايته ورعايته وتأييده، يسمع ويرى. ومن كان الله معه فلا خوف عليه، وما عليه إلا أن يمتثل أمر الله، ويبلغ دعوته التي أنيطت به، ويتحمل في سبيل ذلك ما يعترضه طيعا ومحتسبا.

فأمرهما جل وعلا بامتثال أمره، وعدم الخوف، وأداء الدعوة إلى الله على وجهها، لتبرأ الذمة، وتقوم الحجة، فقال سبحانه: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (١) {فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} (٢) {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} (٣).

وإذا كان علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قد روي عنه قوله: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " فإنه قد أدرك هذا المعنى من منهج القرآن الكريم التعليمي في الدعوة، وتلمس مداخلها، وتحين الفرص المناسبة لها. وفيما سار عليه كل رسول في دعوة قومه، حيث يسخر الله -كما نجد ذلك مبسوطا في مواضع كثيرة من القرآن الكريم- لكل واحد منهم في دعوته إلى الله ما يتفاعل مع قدرات عقولهم، وإتيانه لهم بما هو أكبر مما يشغل أذهانهم، وبما ظهر في مجتمعهم لعلهم يدركون السر العظيم وراء ما يدعون إليه، ليعرفوا حق الله فيما دعتهم رسلهم إليه {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} (٤).


(١) سورة طه الآية ٤٦
(٢) سورة طه الآية ٤٧
(٣) سورة طه الآية ٤٨
(٤) سورة الأنعام الآية ٤