للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل إن ابن تيمية رحمه الله تعالى ذهب إلى القول بجواز القصر والجمع لأهل مكة حتى في أيام منى، كغيرهم من الحجاج، فقد قال: " وكذلك يجمعون الصلاة بعرفة ومزدلفة، ومنى كما كان أهل مكة يفعلون خلف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ومزدلفة، ومنى، وكذلك كانوا يفعلون خلف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه أحدا من أهل مكة أن يتموا الصلاة ولا قالوا لهم بعرفة ومزدلفة ومنى: «أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر (١)» ومن حكى ذلك عن النبي فقد أخطأ، ولكن المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك في غزوة الفتح لما صلى بهم بمكة. أما في حجه فإنه لم ينزل بمكة ولكن كان نازلا خارج مكة، وهناك كان يصلي بأصحابه، ثم لما خرج إلى منى وعرفة خرج معه أهل مكة وغيرهم، ولما رجع من عرفة رجعوا معه، ولما صلى بمنى أيام منى صلوا معه ولم يقل لهم: «أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر (٢)» ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم السفر لا بمسافة ولا بزمان " (٣).

فعلى القول: إنه لا يجوز للحاج الذي لا تنطبق عليه أحكام السفر قصر الصلاة الرباعية في غير عرفات والمزدلفة تكون صلاة العيد لازمة له، وعلى القول إنه يجوز له القصر بمنى كما جاز لبقية الحجاج الذين جاءوا من مسافة قصر فأبعد تكون صلاة العيد غير ملازمة له، وهذا القول الأخير أميل إلى ترجيحه؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الحجاج المكيين الذين كانوا معه بإتمام الصلاة لا في منى ولا


(١) سنن الترمذي الجمعة (٥٤٥)، سنن أبو داود الصلاة (١٢٢٩).
(٢) سنن الترمذي الجمعة (٥٤٥)، سنن أبو داود الصلاة (١٢٢٩).
(٣) الفتاوى ج ٢٦، ص ١٣٠، ١٣١.