للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبحانه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (١)، وقال أيضا: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} (٢). والنبي صلى الله غليه وسلم قد بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، يقول الله -عز وجل-: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٣) وهكذا التابعون أخذوا عن الصحابة فهذا مجاهد رحمه الله يقول: عرضت المصحف على ابن عباس أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها، ولهذا قال الثوري رحمه الله: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. والمقصود أن معاني كلام الله موجودة معلومة، وكثير منها مدون متداول ولله الحمد، وأعظم ما فسر به القرآن هو أن يفسر بالقرآن، فإنه من المعلوم أن هذا القرآن مثاني ومتشابه، يقول الله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} (٤)، والمعنى أن بعضه يشبه بعضا ويفسر بعضه بعضا، وأن القصص تثنى فيه فيكون في هذا الموضع ما يفسر الموضع الآخر وهكذا. وهذا ولله الحمد واضح فإنه ما فسر كلام الله بأوضح وأدل على المراد من كلام الله؛ إذ هو سبحانه المتكلم به وهو الأعلم بمراده. وهذا النوع من التفسير اعتنى به السلف كثيرا وهناك أمثلة كثيرة لذلك يطول عدها.

ثم بعد كلام الله يأتي تفسير القرآن بالسنة؛ إذ لا أعلم بمراد


(١) سورة محمد الآية ٢٤
(٢) سورة المؤمنون الآية ٦٨
(٣) سورة النحل الآية ٤٤
(٤) سورة الزمر الآية ٢٣