للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنهما: "ومن لم يعمل بالقرآن من هذه الأمة فإن القرآن قد يكون حجة عليه". وقد أخبرنا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- عن عبادة أقوام وكثرة صلاتهم وصيامهم وتلاوتهم ومع ذلك آلوا إلى أسوأ حال. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئا، وينظر في القدح فلا يرى شيئا، وينظر في الريش فلا يرى شيئا ويتمارى في الفوق (١)» أخرجه البخاري.

وكان دأب السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم الحرص على العمل بما علموا من القرآن أكثر من الحرص على حفظه بغير عمل به، يقول أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن- كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وغيرهما- أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا.

ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة الواحدة، يقول أنس رضي الله عنه: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جل في أعيننا، وجاء عند مالك في الموطأ أنه بلغه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها.


(١) صحيح البخاري فضائل القرآن (٥٠٥٨)، صحيح مسلم الزكاة (١٠٦٤)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٦٠).