للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفصوله إلا بالمرأة، فإذا جوزنا التمثيل جوزنا ظهور المرأة المسلمة على مسارح التمثيل، وأي مانع يمنع تمثيل روايات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عموما وخاتمهم خصوصا وهو لم يخرج عن كونه درس وعظ على طريقة التأثير النافع الذي ينشده مشاهير الوعاظ، وقل من يصادفه أو يجد له أثرا، ومنع فريق آخر ذلك وعده نوعا من التقليد الإفرنجي الذي يستحوذ على بعض البسطاء فيعدونه مفتاح تمدن الأمة في حين أنه شر عليها وعلى أخلاقها الذاتية، فهذا ما كان من الفريقين أما أنا كاتب هذه السطور فقد أعلنت الحيدة حتى أسترشد برشدكم أو أستنير بفتيا مناركم والسلام.

الجواب: قلت، هدانا الله وإياك بحجة الصواب في الحكم، وعصمنا أن نقفو ما ليس لنا به علم: إن بعض الأندية جمعك بطائفة من المتعلمين الباحثين، وأنهم ذكروا " التمثيل العربي " فاختلفوا في جواز اشتغال المرأة المسلمة به، وفي جواز تمثيل قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عامة وخاتمهم خاصة، فقالت طائفة منهم بجواز الأمرين، وعللوا الأول " بأن أدوار التمثيل وفصوله لا تتم إلا بالمرأة فإذا جوزنا التمثيل جوزنا ظهور المرأة المسلمة على مسارح التمثيل، " وعللوا الثاني بأن " درس وعظ على طريقة التأثير النافع الذي ينشده مشاهير الوعاظ وقل من يصادفه أو يجد له أثرا " وقالت طائفة أخرى بمنع الأمرين وعدوه من التقليد الإفرنجي الضار، الذي يغر به الأغرار وقلت إنك وقفت تستفتي المنار، فهاك ما أفهمه في المسألتين بالاختصار.

لم يأت فريق المجيزين بشيء من العلم، يدل على ما جزموا به من الحكم، فإن سلمنا لهم أن التمثيل لا يتم إلا بالمرأة لا نسلم لهم أن جوازه يستلزم جواز اشتغال المرأة المسلمة به، بل نسألهم ماذا يعنون بهذا التمام؟ ولماذا لا يستغنى فيه بالمرأة غير المسلمة التي تستبيح من أعماله ما لا يباح للمسلمة؟ وبأي حجة جعلوا القول بجواز التمثيل الذي ينقصه وجود المرأة المسلمة أصلا بنوا عليه القول بجواز اشتغالها بالتمثيل، وهل يعدو التمثيل المطلق أن يكون مباحا أو مستحبا بشرط خلوه من فعل الحرام وذرائع الفساد، واشتماله على الوعظ النافع والإرشاد؟ أوليس الصواب أن يقال -والأمر كذلك- إن التمثيل الذي يتوقف على قيام المرأة المسلمة ببعض أعماله على الوجه المعروف في دور التمثيل بمصر غير جائز؛ لأن ما توقف على غير الجائز فهو غير جائز، أو لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؟