وقالت: هذا وقد ولدته، قال:" اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه " فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه إياها، فقال:"مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس (١) لغفر له " ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت».
فهذه الواقعة تبين مدى اهتمام الشريعة الإسلامية بذلك الجنين حيث أخر النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على أمه حفاظا على حياته، ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بأن يولد الولد بل رد أمه مرة أخرى لترضعه حتى يعتمد على نفسه، ثم دفع به إلى من يقوم بتربيته ورعايته.
ولقد أجمع الفقهاء على تأخير إقامة الحد على الحامل حتى تلد وليدها وترضعه استدلالا بهذا الحديث.
٣ - أن في القول بجواز إسقاط الزانية حملها المتكون من الزنا مناقضة صريحة لما تقضي به قاعدة سد الذرائع، وذلك لأن
(١) بفتح الميم وسكون الكاف هو من يتولى جمع الضرائب من الناس بغير حق، والمكس النقص والظلم.