للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضرورة والحاجة، إذ الحاجة هي المشقة الشديدة التي لا يخشى منها فوات النفس أو عضو من أعضاء البدن.

والضرورة: هي تلك التي يخشى منها ذلك (١)، فتكون الحاجة ضرورة مجازا باعتبار المال، فهي إذا استمرت تكون تمهيدا للضرورة الحقيقية (٢). ومثال ذلك: إذا أصيبت المرأة بنزيف شديد ولكنه لا يؤدي إلى هلاكها عادة فهذه حاجة، فإذا استمر النزيف حتى أوصلها إلى درجة يخشى عليها الهلاك منه كان ذلك ضرورة. وإذا أطلقنا على الحاجة ضرورة مجازا فإنه يجب أن نراعي الفرق بينهما عند تطبيق الأحكام الشرعية، فلا نحكم بمقتضى الضرورة في موضع الحكم بمقتضى الحاجة. فالحاجة لا تبيح الحرام، أما الضرورة فهي التي تبيح الحرام، فلو أصيبت امرأة بنزيف شديد ولكن لا يؤدي بها إلى الهلاك في الغالب فهذا لا يبيح لها إجهاض جنينها؛ لأنها في حاجة، والحاجة لا تبيح الحرام.

أما إذا وصل بها الأمر لدرجة أنه يخشى من هذا النزيف أن يودي بحياتها حينئذ يجوز لها إسقاط جنينها لدفع الضرورة؛ لأن


(١) غمز العيون والبصائر ١/ ٢٧٧، طبعة الكتب العلمية
(٢) أحكام القران لابن العربي ١/ ٥٥.