للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد (١)» رواه أبو داود وإسناده صحيح، وللنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه (٢)» وهذا يدل على أن السحر شرك بالله تعالى وأن من تعلق بشيء من أقوال الكهان أو العرافين وكل إليهم، وحرم من عون الله ومدده.

وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (٣)»، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- (٤)»، وعن عمران بن حصين مرفوعا «ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهنا فصدقة بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- (٥)». رواه البزار بإسناد جيد، قال ابن القيم -رحمه الله-: من اشتهر بإحسان الزجر عندهم سموه عائفا وعرافا. والمقصود من هذا معرفة أن من يدعي معرفة علم شيء من المغيبات فهو إما داخل في اسم الكاهن وأما مشارك له في المعنى فيلحق به، وذلك أن إصابة المخبر ببعض الأمور الغائبة في بعض الأحيان يكون بالكشف، ومنه ما هو من الشياطين. ويكون بالفال والزجر والطيرة والضرب بالحصى والخط في الأرض والتنجيم والكهانة والسحر ونحو هذا من علوم الجاهلية. ونعني بالجاهلية كل ما ليس من أتباع الرسل عليهم السلام كالفلاسفة والكهان والمنجمين ودهرية العرب الذين كانوا قبل مبعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن هذه علوم لقوم ليس لهم علم بما جاءت به الرسل صلى الله عليهم وسلم وكل هذه الأمور يسمى صاحبها كاهنا وعرافا وما في معناهما فمن أتاهم وصدقهم بما يقولون لحقه الوعيد. . .

وقد ورث هذه العلوم عنهم أقوام فادعوا بها علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه، وادعوا أنهم أولياء لله وأن ذلك كرامة) انتهى المقصود نقله من كلام ابن القيم -رحمه الله-.

وقد ظهر من أقواله -صلى الله عليه وسلم- ومن تقريرات الأئمة من العلماء وفقهاء هذه الأمة أن علم النجوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الحظ كلها من علوم الجاهلية ومن الشرك الذي حرمه الله ورسوله وأنها من أعمال الجاهلية وعلومهم الباطلة التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير من فعلها أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك لأنه من علم


(١) سنن أبو داود الطب (٣٩٠٥)، سنن ابن ماجه الأدب (٣٧٢٦)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣١١).
(٢) سنن النسائي تحريم الدم (٤٠٧٩).
(٣) صحيح مسلم السلام (٢٢٣٠)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٦٨).
(٤) سنن الترمذي الطهارة (١٣٥)، سنن أبو داود الطب (٣٩٠٤)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٦٣٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٢٩)، سنن الدارمي الطهارة (١١٣٦).
(٥) سنن الترمذي الطهارة (١٣٥)، سنن أبو داود الطب (٣٩٠٤)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٦٣٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٢٩)، سنن الدارمي الطهارة (١١٣٦).