للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به (١)» أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري.

فظهر من هذا الحديث أن أفضل خلق الله هو: من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، وهو مع ذلك علم العلم ثم علمه فانتفع به في نفسه ونفع به غيره من خلق الله، وهذا دأب العلماء الربانيين الصالحين المصلحين - نظمنا الله في سلكهم وهدانا لسلوك طريقهم وجادتهم -.

وقد جاء في البخاري أيضا من حديث معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (٢)» فعلامة إرادة الله الخير بعبده أن يفقهه في دينه، هذا وإن لعلمائنا رحمهم الله سلفا وخلفا يدا طولى في بيان دين الله. عقيدة وشريعة على مر القرون، حتى وصل إلينا سهلا ميسرا عذبا نميرا في بطون الكتب، لا تحتاج إلا إلى همة في البحث والتعلم، مع الضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله التوفيق والسداد، ثم إن من المعلوم أن العلماء في المسائل الفقهية خاصة لا زالوا يختلفون، وأسباب خلافهم كثيرة جدا، ذكر طرفا منها شيخ


(١) صحيح البخاري العلم (٧٩)، صحيح مسلم الفضائل (٢٢٨٢)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٩٩).
(٢) صحيح البخاري العلم (٧١)، صحيح مسلم الإمارة (١٠٣٧)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٩٣)، موطأ مالك كتاب الجامع (١٦٦٧)، سنن الدارمي المقدمة (٢٢٦).