وقالوا: إن كراهته من جهة أنه يورث البرص وقد روى الشافعي عن عمر رضي الله عنه كراهية الاغتسال به.
وقالوا: إن الشمس بحدتها تفصل منه زهومة تعلو الماء فإذا لاقت البدن بسخونتها خيف أن تقبض عليه فيحتبس الدم فيحصل البرص.
وقد اشترط بعضهم للكراهية شروطا منها: أن يكون استعماله ببلاد حارة، وفي آنية منطبعة كحديد ونحاس، بخلاف الخزف والخشب والجلود والحياض وبخلاف المنطبع بالذهب والفضة، واشترطوا أيضا للكراهة أن يستعمل في حال حرارته. هذا ملخص ما قاله الشربيني في مغني المحتاج.
والقول الثاني: وهو مذهب الحنابلة، وجمهور الحنفية، جواز استعماله مطلقا بلا كراهة. والذي يظهر أنه إن ثبت أن فيه ضررا على البدن كره من هذه الجهة، وإلا فلا يكره.
والقسم الثاني من المسخن: هو المسخن بالنار:
عامة أهل العلم على جواز التطهر به، قال ابن المنذر رحمه الله بعد أن ساق طرفا من آية التيمم:(فالماء المسخن داخل في جملة المياه التي أمر الناس أن يتطهروا بها، وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير (١)» وممن روينا عنه أنه رأى الوضوء بالماء المسخن: عمر بن الخطاب، وابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك - وساق بعض
(١) سنن الترمذي الطهارة (١٢٤)، سنن النسائي الطهارة (٣٢٢)، سنن أبو داود الطهارة (٣٣٣)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٨٠).