للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين لم يأت بالمشقة، ولو سلمنا بدليلكم لقلنا: بأنه يلزم المسافر أن يحمل معه ماء طهورا يكفيه لوضوئه واغتساله؛ لئلا يحتاج إلى التيمم، وهذا فيه مشقة عظيمة وحرج كبير، ودفع الحرج قد جاءت به الشريعة الإسلامية السمحة.

٤ - أما القياس على الماء الذي أزيلت به النجاسة فالفرق بينهما ظاهر فلا يصح القياس.

وبعد التأمل والنظر يترجح القول بأن الماء المستعمل في طهارة الحدث طهور مطهر؛ لسلامة بعض ما استدل به أصحاب هذا القول من المناقشة، كحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الماء لا يجنب (١)»، ولما استدلوا به من النظر من أدلة قوية لا تقاومها أدلة القول الثاني التي قد نوقشت جميعها ورد الاستدلال بها، ولهذا قال المرداوي في الإنصاف عن هذا القول: " وهو أقوى في النظر "، مع أن أكثر الأصحاب على أنه طاهر غير مطهر، والحق أحق أن يتبع والله أعلم، هذا وإن لأصحاب القول الأول أدلة من السنة تركنا إيرادها إيثارا للاختصار، واكتفاء بما صح من أدلتهم أثرا ونظرا عما كان ضعيفا في النقل. والله المسئول أن يوفقنا ويرزقنا الفقه في الدين واتباع سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

ومعلوم أن للبحث بقية يسر الله إيرادها فيما يقبل من أعداد هذه المجلة المباركة وإني في ختام هذه الكلمة لأدعو الله العلي القدير أن يفقهنا جميعا في دينه وأن يرزقنا الالتزام بسنة نبيه صلى


(١) سنن الترمذي الطهارة (٦٥)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٣٧٠).