للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الترمذي. فهذه الأحاديث كما ترى صريحة في كفر تارك الصلاة مع ما تقدم من إجماع الصحابة، كما حكاه إسحاق بن راهويه وابن حزم وعبد الله بن شقيق وهو مذهب جمهور العلماء والتابعين ومن بعدهم.

ثم أن العلماء كلهم مجمعون على قتل تارك الصلاة كسلا، إلا أبا حنيفة ومحمد بن شهاب الزهري وداود فإنهم قالوا: يحبس حتى يموت أو يتوب، وذكر فقهاؤنا الحنابلة: أن من جحد وجوبها كفر ولو فعلها، وإن تركها تهاونا وكسلا مع اعترافه بوجوبها فعلى الإمام أو نائبه أن يدعوه إلى فعلها؛ لاحتمال أن يكون تركه لها لعذر يعتقد سقوطها به، كالمرض ونحوه فيهدده فإن أبى أن يصليها حتى تضايق وقت الصلاة التي بعدها قتله؛ لقول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (١) إلى قوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (٢) فمن ترك الصلاة لم يأت بشرط التخلية فيبقى على إباحة القتل.

وأما السكنى مع زملاء يتساهلون في شأن الصلاة مهما أمكن عدم السكنى معهم فلا يجوز، إلا إذا غلب على ظن الساكن أنه بإرشاده لهم ونصحه لهم يتركون ذلك ويواظبون على الصلاة، ففي هذه الحالة عليه إرشادهم فإن قبلوا وإلا فلينتقل عنهم وليهجرهم. وقد سئل شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية عن غيبة تارك الصلاة، فقال: إذا قيل عنه: إنه تارك للصلاة، وكان


(١) سورة التوبة الآية ٥
(٢) سورة التوبة الآية ٥