للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التبرج معناه النهي عن الاختلاط وهو اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو السفر أو نحو ذلك، لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في المنهي عنه وفي ذلك مخالفة لأمر الله وتضييع لحقوق الله المطلوب شرعا من المسلمة أن تقوم بها.

والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه قال الله -جل وعلا-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (١) {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (٢) فأمر الله أمهات المؤمنين - وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك - بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد لأن الخروج لغير الحاجة قد يفضي إلى التبرج كما قد يفضي إلى شرور أخرى ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-. ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الأرجاس والأنجاس ويرشد إلى الحق والصواب. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٣) فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام وهو المبلغ عن ربه - أن يقول لأزواجه وبناته وعامة نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهم بالجلابيب وذلك إذا أردن الخروج لحاجة لئلا تحصل لهن الأذية من مرضى القلوب. فإذا كان الأمر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم وإبداء حاجتها إليهم بحكم الوظيفة والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل في مستواهم وذهاب كثير من حيائها ليحصل بذلك الانسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة.

قال الله -جل وعلا-: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (٤) {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (٥)، إلخ الآية.


(١) سورة الأحزاب الآية ٣٣
(٢) سورة الأحزاب الآية ٣٤
(٣) سورة الأحزاب الآية ٥٩
(٤) سورة النور الآية ٣٠
(٥) سورة النور الآية ٣١