للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالطرق الشرعية؛ استنادا إلى ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (١)» وفي رواية: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٢)». ولا يخفى أنه لا يقصد بالميكرفون واستعماله قربة ولا زيادة ثواب عن غيره، وإنما المقصود به كما لا يخفى تكبير الصوت حتى يسمعه من لا يسمع صوت الخطيب، لاتساع المسجد ونحوه، فمثله مثل النظارة في تكبير الحرف وتقريبه، إذ القارئ لا يقصد بقراءته القران وهو يقرؤه بالنظارة زيادة القربة والثواب، وإنما يهدف إلى التمكن من القراءة بوضوح، فكذلك الميكرفون، بل قد يكون استعمال الميكرفون قربة من القرب إذا احتيج إلى ذلك إذ أنه وسيلة إلى تبليغ الخطبة جميع المصلين، وكذا إبلاغ صوت المؤذن. وقد يقال: إنه من العادات التي لا يقصد بفعلها التعبد وإنما هو من الأمور العادية، ولو سمع ما يقال عن العوائد بأنها بدع محدثة لاعتبر جميع ما لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه من المآكل والمشارب والملابس والمراكب وكافة أنواع وسائل الحياة مما استحدث بعد تلك العهود من البدع والمنكرات، والقول بذلك في غاية السقوط والبطلان والجهل التام بأصول الدين ومقاصده.

وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى البدعة واضح جلي. ولا يخفى على أولي البصائر والأفهام أن القصد بالإحداث المردود ما كان في الدين كالزيادة فيه، أو التزام طريقة


(١) صحيح البخاري الصلح (٢٦٩٧)، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٥٦).
(٢) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٨٠).