للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال -عز وجل-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (١) وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبته في حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا (٢)» فلا يحل أخذ مال امرئ مسلم بأي وجه من الوجوه إلا بحق شرعي، ومعلوم من قواعد الشرع المطهر لكل ذي علم وبصيرة أن تقييد حرية العقار بأجرة معينة أو نسبة معينة يعتبر ظلما لمالكه وأخذا لماله بغير حق ومصادمة للنصوص الشرعية ومخالفة لأمر الله ورسوله وحكما بغير ما أنزل الله واجتهادا في غير محله.

فالله -سبحانه وتعالى- هو العليم بمصالح عباده وبعواقب الأمور كلها وهو أحكم الحاكمين وأرحم بالخلق من أنفسهم، لذلك شرع لهم من الأحكام ما يصلحهم في كل زمان ومكان، أما ما ذكره صاحب المقال من المشاكل التي يتوقع حصولها بعد إطلاق حرية العقار فهذا استعجال للأمور قبل أوانها بل إن ذلك من إيحاء الشيطان وتوهيمه كما قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (٣) وقال تعالى: {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (٤) {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (٥).

فالواجب على المسلم أن يكون قوي الثقة بربه سبحانه في جميع أحواله وأموره، حسن الظن به بعيدا عن التوهمات والتوقعات التي تثبطه عن تنفيذ أمر الله والرضى بحكمه، وأن يعتقد اعتقادا جازما أن تطبيق أحكام الشرع المطهر لا ينتج عنه إلا كل خير في العاجل والآجل بل إن الشر والضرر في عدم تطبيقها أو الإخلال بذلك.

ولقد أحسن صاحب المقال المنشور في الصفحة السادسة من جريدة عكاظ الصادرة في ١١/ ١١ / ١٤٠١ هـ بعنوان ما هي أبعاد إطلاق حرية العقار مع بداية عام ١٤٠٣ هـ فجزاه الله خيرا وأكثر من أمثاله فإن الدولة وفقها الله ساهمت في حل أزمة العقار مساهمة إيجابية ظهرت آثارها لكل منصف وذلك بالعطاءات السخية من القروض ومنح الأراضي وشجعت على توفير


(١) سورة الأحزاب الآية ٣٦
(٢) سنن أبو داود كتاب المناسك (١٩٠٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٧١)، سنن الدارمي كتاب المناسك (١٨٥٠).
(٣) سورة البقرة الآية ٢٦٨
(٤) سورة البقرة الآية ١٦٨
(٥) سورة البقرة الآية ١٦٩