للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

، وقال تعالى:، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب له (٣)» رواه مسلم.

وليعلم كل مسلم أنه مسئول أمام ربه عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين جمعه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به (٤)» واعلم أيها المسلم وفقك الله أن الربا كبيرة وعظيمة من كبائر الذنوب التي جاء تحريمها في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بجميع أشكاله وأنواعه ومسمياته، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٥)، وقال تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} (٦)، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (٧) {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (٨)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٩) {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} (١٠)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هن؟، قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات (١١)» ومعنى الموبقات المهلكات، وقد عد الربا منهن. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الربا ثلاثة وسبعون حوبا أيسرها مثل أن يأتي الرجل أمه (١٢)»، وصح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء (١٣)». وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والتمر بالتمر والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء (١٤)» رواه مسلم. فهذه بعض الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- تبين تحريم الربا وخطره على الفرد


(١) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٥)، سنن الترمذي تفسير القرآن (٢٩٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٢٨)، سنن الدارمي الرقاق (٢٧١٧).
(٢) سورة المؤمنون الآية ٥١ (١) {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}
(٣) سورة البقرة الآية ١٧٢ (٢) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}
(٤) سنن الدارمي كتاب المقدمة (٥٣٩).
(٥) سورة آل عمران الآية ١٣٠
(٦) سورة الروم الآية ٣٩
(٧) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٨) سورة البقرة الآية ٢٧٦
(٩) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(١٠) سورة البقرة الآية ٢٧٩
(١١) صحيح البخاري الوصايا (٢٧٦٧)، صحيح مسلم الإيمان (٨٩)، سنن النسائي الوصايا (٣٦٧١)، سنن أبو داود الوصايا (٢٨٧٤).
(١٢) سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٧٤).
(١٣) صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٠٤).
(١٤) صحيح البخاري البيوع (٢١٧٦، ٢١٧٧)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٤، ١٥٨٤، ١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠، ١٢٤١)، سنن النسائي البيوع (٤٥٦١، ٤٥٦٥)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٤، ٣/ ٤٧، ٣/ ٥١، ٣/ ٥٣)، كتاب باقي مسند المكثرين (٣/ ٦١)، باقي مسند المكثرين (٣/ ٧٣، ٣/ ٨١، ٣/ ٩)، باقي مسند الأنصار (٥/ ٣١٤)، موطأ مالك البيوع (١٣٢٤)، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٧٩).