للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال. شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات. تدع علمه، وتتكلف علم الخالق إذا هجس في ضميرك ذلك؟ فارجع إلى قول الله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (١) {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٢) الآية. فاستدل بالمخلوق على الخالق، ولا تتكلف علم ما لم يبلغه عقلك (٣).

في هذه القصة فوائد مستنبطة منها:

١ - أن كلمة التوحيد كانت معروفة ومستعملة عند السلف، وقد تقدم في الأثر السابق أن كلمة السنة كانت معروفة كذلك.

٢ - أن الشافعي رحمه الله أرشد صاحبه المزني بالاستدلال بالمخلوق على الخالق، وهذه طريقة الشرع، كما قال عز وجل: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} (٤) الآية.

٣ - عدم التكلف والتعمق والبحث في الأمور التي لا يبلغها العقل، وهذه نصيحة عظيمة من الإمام الشافعي، لو أن المتكلمين قد عملوا بها ولم يتكلفوا علم الغيوب التي لم


(١) سورة البقرة الآية ١٦٣
(٢) سورة البقرة الآية ١٦٤
(٣) سير أعلام النبلاء ١٠/ ٣١.
(٤) سورة الأعراف الآية ١٨٥