للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يحتمل أن يكون صلى الظهر ابن الزبير في بيته، وأن الرخصة وردت في ترك الاجتماعين؛ لما في ذلك من المشقة، لا أن الظهر تسقط.

وأما حديث إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن إياس بن أبي رملة الشامي، قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان يسأل زيد بن أرقم: «هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم. قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يصلي فليصل (١)».

وهذا الحديث لم يذكره البخاري، وذكره أبو داود عن محمد بن كثير، عن إسرائيل، وذكره النسائي عن عمر بن علي عن ابن مهدي، عن إسرائيل، وليس فيه دليل على سقوط الجمعة، وإنما فيه دليل أنه رخص في شهودها، وأحسن ما يتأول في ذلك أن الإذن خص به من لم تجب الجمعة عليه ممن شهد ذلك العيد، والله أعلم.

ثم قال ابن عبد البر: وإذا احتملت هذه الآثار من التأويل ما ذكرنا لم يجز لمسلم أن يذهب إلى سقوط فرض الجمعة عمن وجبت عليه، لأن الله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٢) ولم يخص الله ورسوله


(١) رواه أحمد ٤/ ٣٧٢، وأبو داود ١٠٧٠ وغيرهما.
(٢) سورة الجمعة الآية ٩