هدوء الأصوات يمكن أن يسمع من ثلاثة أميال، والله أعلم.
فلا يكون مذهب مالك في هذا التأويل مخالفا لمن قال: لا تجب الجمعة إلا على من سمع النداء، وهو قول أكثر فقهاء الأمصار، وقد ذكر ابن عبدوس في المجموعة عن علي بن زياد، عن مالك قال: عزيمة الجمعة على من كان بموضع يسمع منه النداء، وذلك من ثلاثة أميال، ومن كان أبعد فهو في سعة، إلا أن يرغب في شهودها فهو أحسن، فهذه رواية مفسرة.
وعلى هذا قال مالك فيما روى عنه ابن القاسم وغيره، أن ليس العمل على ما صنع عثمان في إذنه لأهل العوالي؛ لأن الجمعة كانت عنده واجبة على أهل العوالي، لأن العوالي من المدينة على ثلاثة أميال ونحوها، وذهب غير مالك إلى أن إذن عثمان لأهل العوالي إنما كان أن الجمعة لم تكن واجبة على أهل العوالي عنده؛ لأن الجمعة إنما تجب على أهل المصر عنده، هذا قول الكوفيين سفيان وأبي حنيفة.
ومن حجة مالك في مراعاة الثلاثة أميال. . . ثم ساق بسنده إلى ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عل أحدكم أن يتخذ الصبة من الغنم، فينزل بها على رأس ميلين أو ثلاثة من المدينة، فتأتي الجمعة فلا يجمع فيطبع على قلبه (١)».
ومن حجة من شرط سماع النداء. . . ثم ساق بسنده إلى
(١) رواه ابن ماجه ١١٢٧، وابن خزيمة ١٨٥٩، والحاكم ١/ ٢٩٢ وسنده ضعيف وسكت عنه الحاكم والذهبي.