للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفائزون، وهذه البشارة رحمة من الله وكرم لأوليائه؛ بل ومحبة لهم ثم كتب الله لهم الرحمة والرضوان، الذي هو أكبر لذة يجدها المؤمن الصادق في جنات عدن التي فيها النعيم المقيم من كل ما تتخيره نفسه وتستلذه عينه مما لا يعلم وصفه ومقداره إلا الله، ولذلك ورد في الحديث زف هذه البشارة لهؤلاء المؤمنين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «. . . إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين ما بين السماء والأرض. . . (١)».

٤ - وبشر المؤمنين أي: الراجعين إلى الله بقلوب ملؤها محبة الله والإيمان به والرغبة فيما عنده؛ ولذلك فإنهم يسارعون في الخيرات، ويتضرعون إلى الله رغبة فيما عنده، قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (٢) وفي ذلك النعيم فليتسابق المتسابقون وليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة ربهم باتباع أوامره واجتناب نواهيه (٣)، ولذلك بشرهم الله بقوله: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ} (٤) استحقوا البشارة من الله؛ لأنهم اجتنبوا الطاغوت من عبادة الأوثان والأصنام وغير ذلك من الأهواء والشهوات، وأقبلوا


(١) الحديث من صحيح البخاري، كتاب الجهاد والبر، باب درجات المجاهدين ٣/ ٢٠٢.
(٢) سورة المطففين الآية ٢٦
(٣) تفسير المراغي ١٠/ ٨٢
(٤) سورة الزمر الآية ١٧