والثاني: أنها رضي الله عنها سمت ذلك بيع سوء وشراء سوء والفاسد هو الذي يوصف بذلك لا الصحيح، ولأن في هذا البيع شبهة الربا، لأن الثمن الثاني يصير قصاصا بالثمن الأول فبقي من الثمن الأول زيادة لا يقابلها عوض في عقد المعاوضة. وهو تفسير الربا إلا أن الزيادة ثبتت بمجموع العقدين فكان الثابت بأحدهما شبهة الربا والشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقية، بخلاف ما إذا نقد الثمن لأن المقاصة لا تتحقق بعد الثمن فلا تتمكن الشبهة بالعقد. ولو نقد الثمن كله إلا شيئا قليلا فهو على الخلاف.
ولو اشترى ما باع بمثل ما باع قبل نقد الثمن جاز بالإجماع لانعدام الشبهة وكذا لو اشتراه بأكثر مما باع قبل نقد الثمن، ولأن فساد العقد معدول به عن القياس وإنما عرفناه بالأثر، والأثر جاء في الشراء بأقل من الثمن الأول فبقي ما وراءه على أصل القياس.
هذا إذا اشتراه بجنس الثمن الأول فإن اشتراه بخلاف الجنس جاز؛ لأن الربا لا يتحقق عند اختلاف الجنس إلا في الدراهم والدنانير خاصة استحسانا، والقياس أن لا يجوز (١) لأنهما جنسان مختلفان حقيقة فالتحقا بسائر الأجناس المختلفة.
وجه الاستحسان أنهما في الثمنية كجنس واحد فيتحقق الربا بمجموع العقدين فكان في العقد الثاني شبهة الربا وهي الربا من وجه. ولو تعيب المبيع في يد المشتري فباعه من بائعه بأقل مما باعه جاز، لأن نقصان الثمن يكون بمقابلة نقصان العيب فيلتحق النقصان بالعدم كأنه باعه بمثل ما اشتراه فلا تتحقق شبهة الربا.
* قال صاحب بداية المبتدى علي بن أبي بكر:
ومن اشترى جارية بألف درهم حالة أو نسيئة فقبضها ثم باعها من البائع بخمسمائة قبل أن ينقد الثمن الأول لا يجوز البيع الثاني.
وقال الشافعي رحمه الله: يجوز لأن الملك قد تم فيها القبض فصار البيع من