للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش (١)، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عجب ربنا عز وجل من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه إلى صلاة، فيقول ربنا: أيا ملائكتي انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه، من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله عز وجل فانهزموا، فعلم ما عليه من الفرار وما له في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي، فيقول الله عز وجل لملائكته انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي ورهبة مما عندي حتى أهريق دمه (٢)»

وقوله: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (٣) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (٤) إنهم كانوا يتهجدون ويجتهدون يريدون أن يكون عملهم أكثر من ذلك وأخلص منه ويستغفرون من التقصير، وهذه سيرة الكريم يأتي بأبلغ وجوه الكرم ويستقله ويعتذر من التقصير، واللئيم يأتي بالقليل ويستكثره ويمن به (٥).

يقوم المسلم بقيام الليل تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى


(١) تفسير ابن كثير ٦/ ٣٦٤
(٢) الحديث من مسند أحمد ١/ ٤١٦.
(٣) سورة الذاريات الآية ١٧
(٤) سورة الذاريات الآية ١٨
(٥) تفسير الرازي ٢٧/ ٢٠٣