للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيطان في عبادة هذه الأصنام فإنه هو الداعي إلى عبادتها والموسوس بها، وقد بين الله ما عهده إلى بني آدم من أن السبب في الكفر هو طاعتهم للشيطان، فقال: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (١)، أي: لا تطع الشيطان فيما يأمرك به من الكفر، ومن أطاع شيئا في معصية الله فقد عبده.

وقد حرص إبراهيم عليه السلام في ملاطفة أبيه ومناصحته في بيان سبب كفره وعبادته، وأنه الشيطان الرجيم هو الذي سول للإنسان ودعاه إلى عبادة هذه الأوثان التي لا تضر ولا تنفع، فالذي يعبد الأصنام والأوثان فكأنما عبد الشيطان؛ لأنه أطاعه وانقاد له، ولذا فإن إبراهيم وعظ أباه موعظة بليغة وبين له أن الشيطان سول لهم وأملى لهم، وكان للرحمن عصيا.

ثم حذره عاقبة عصيانه، وعبادة الأوثان والأصنام، فقال له: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ} (٢) وأنت على شركك وعصيانك لما أمر به {فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} (٣) فلا يكون مولى ولا ناصرا ولا مغيثا إلا إبليس، وليس إليه ولا إلى غيره من الأمر شيء، بل اتباعك له موجب لإحاطة العذاب بك، كما قال تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٤)


(١) سورة يس الآية ٦٠
(٢) سورة مريم الآية ٤٥
(٣) سورة مريم الآية ٤٥
(٤) سورة النحل الآية ٦٣