للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي ليبلو العبد بموت من يعز عليه ليبين صبره، وبالحياة ليبين شكره، وقيل: خلق الله الموت للبعث والجزاء، وخلق الحياة للابتلاء.

وقال السدي: أي أكثركم للموت ذكرا، وأحسن استعدادا، ومنه أشد خوفا وحذرا. . " (١).

والموت هو نهاية دار وبداية دار أخرى. . .

قال ابن أبي العز: الدور ثلاث: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار، وقد جعل الله لكل دار أحكاما تخصها، وركب هذا الإنسان من بدن ونفس، وجعل أحكام الدنيا على الأبدان، والأرواح تبع لها، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح، والأبدان تبع لها، فإذا جاء يوم حشر الأجساد وقيام الناس من قبورهم، صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد جميعا. . . " (٢).

وحكمة الموت تظهر جلية واضحة في هذه الآيات، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} (٣) {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} (٤) {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (٥) {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (٦) {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (٧).

قال ابن كثير: وقوله {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (٨) يعني بعد


(١) تفسير القرطبي الجامع، جـ١٨، ص٢٠٧.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية، ص٤٥٢.
(٣) سورة المؤمنون الآية ١٢
(٤) سورة المؤمنون الآية ١٣
(٥) سورة المؤمنون الآية ١٤
(٦) سورة المؤمنون الآية ١٥
(٧) سورة المؤمنون الآية ١٦
(٨) سورة المؤمنون الآية ١٥