للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سبحانه: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} (١).

وروى مسلم في حديث فيه طول قال أبو زميل: (فحدثني ابن عباس، قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ، يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه لضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صدقت، ذلك من مدد السماء الثانية» فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين وذكر الحديث (٢).

وبعد أن أورد القرطبي نصوص القرآن والسنة في هذا الباب قال: فصل: (إن قال قائل: كيف الجمع بين هذه الآي، وكيف يقبض ملك الموت في زمن واحد أرواح من يموت بالمشرق والمغرب؟ قيل له: اعلم أن التوفي مأخوذ من توفيت الدين واستوفيته، إذا قبضته ولم تدع منه شيئا، فتارة يضاف إلى ملك الموت لمباشرته ذلك، وتارة إلى أعوانه من الملائكة؛ لأنهم قد يتولون ذلك أيضا، وتارة إلى الله تعالى، وهو المتوفي على الحقيقة كما قال عز وجل {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} (٣)


(١) سورة محمد الآية ٢٧
(٢) صحيح مسلم في (كتاب الجهاد)، باب ١٤٢، سنن النسائي، ٣/ ٧٢، ٦/ ٣١.
(٣) سورة الزمر الآية ٤٢