للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج مسلم بسنده من حديث المسور بن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بم يرجع (١)».

والحياة الدنيا فيها الوفاة الكبرى والوفاة الصغرى، فالنوم وفاة والقيام من النوم بعث ونشور، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} (٢). وفي النوم تقبض أرواح العباد، ومن شاء الحق أن يمسك روحه في حال نومه أمسكها، ومن شاء بقاءها ردها إلى الأجل الذي حدده الله، وكفى بالقيامة الصغرى وهو الموت منغصا في هذه الدار، دار الحياة الدنيا التي ليست بدار قرار.

قال ابن القيم: (. . . ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بعد نظرين صحيحين: النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها واضمحلالها، ونقصها وخستها، وألم المزاحمة عليها والحرص عليها، وما في ذلك من الغصص والنغص والأنكاد، وآخر ذلك الزوال والانقطاع مع ما يعقب من الحسرة والأسف، فطالبها لا ينفك من هم قبل حصولها، وهم في حال الظفر بها، وغم وحزن بعد فواقا، فهذا أحد النظرين.


(١) صحيح مسلم، جـ٤، ص٢١٩٣، كتاب الجنة وصفة نعيمها.
(٢) سورة الأنعام الآية ٦٠