للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما النوم فهو غشية ثقيلة تهجم على القلب فتقطعه عن المعرفة بالأشياء؛ ولذلك قيل: إنه آفة؛ لأن النوم أخو الموت.

وقد قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (١).

قال ابن كثير: (قال تعالى مخبرا عن نفسه الكريمة بأنه المتصرف في الوجود بما يشاء، وأنه يتوفى الأنفس الوفاة الكبرى، بما يرسل من الحفظة الذين يقبضونها من الأبدان، والوفاة الصغرى عند المنام).

وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٢).

قال ابن كثير: (يخبر تعالى أنه يتوفى عباده في منامهم بالليل، وهذا هو التوفي الأصغر. .) (٣).

قال ابن القيم: قال ابن تيمية: ". . . لأنه سبحانه أخبر بوفاتين، وفاة كبرى، وهي وفاة الموت، ووفاة صغرى، وهي وفاة النوم، وقسم الأرواح قسمين: قسما قضى عليها الموت فأمسكها عنده،


(١) سورة الزمر الآية ٤٢
(٢) سورة الأنعام الآية ٦٠
(٣) تفسير ابن كثير، جـ٣، ص ٢٦١.