تكثرن الشكاة وتكفرن العشير). قال: فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ثوب بلال، من أقراطهن وخواتمهن (١)» هذا لفظ مسلم في صحيحه.
قالوا: وقول جابر في هذا الحديث: سفعاء الخدين، يدل على أنها كانت كاشفة عن وجهها، إذ لو كانت محتجبة لما رأى خديها، ولما علم أنها سفعاء الخدين.
وقد أجاب الشيخ الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أضواء البيان عن حديث جابر هذا: بأنه ليس فيه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عن وجهها، وأقرها على ذلك، بل غاية ما يفيده الحديث أن جابرا رضي الله عنه رأى وجهها، وذلك لا يستلزم كشفها عنه قصدا، وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد، فيراه بعض الناس، في تلك الحال كما قال نابغة ذبيان:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتقتنا باليد
فعلى المحتج بحديث جابر المذكور، أن يثبت أنه صلى الله عليه وسلم رآها سافرة، وأقرها على ذلك، ولا سبيل له إلى إثبات ذلك،
- وقد روى القصة المذكورة غير جابر، فلم يذكر كشف المرأة المذكورة عن وجهها، وقد ذكر مسلم في صحيحه ممن رواها غير جابر، أبا سعيد الخدري، وابن عباس وابن عمر، وذكره غيره عن غيرهم، ولم يقل أحد ممن روى القصة غير جابر أنه رأى خدي تلك المرأة السفعاء الخدين، وبذلك يعلم أنه لا دليل على السفور في
(١) صحيح البخاري الجمعة (٩٦١)، صحيح مسلم صلاة العيدين (٨٨٥)، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٥)، سنن أبو داود الصلاة (١١٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣١٨)، سنن الدارمي الصلاة (١٦١٠).