للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانظر كيف قرن الذكر بالدعاء، وجعل دعاء المؤمنين من ذكره سبحانه، وتأمل قوله: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} (١) ودلالته على استمرار الذكر منهم على اختلاف الأحوال والهيئات، واستغراق الزمان في ذلك.

قال القرطبي: " قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} (٢) ذكر تعالى ثلاث هيئات لا يخلو ابن آدم منها في غالب أمره، فكأنها تحصر زمانه. ومن هذا المعنى قول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه (٣)».

قال النووي: " اعلم أن الذكر محبوب في جميع الأحوال إلا في أحوال ورد الشرع باستثنائها، نذكر منها طرفا إشارة إلى ما سواه مما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى، فمن ذلك: أنه يكره الذكر حال الجلوس على قضاء الحاجة، وفي حالة الجماع، وفي حالة الخطبة لمن


(١) سورة آل عمران الآية ١٩١
(٢) سورة آل عمران الآية ١٩١
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٤/ ٣١٩. والحديث أحرجه مسلم في الحيض، باب ذكر الله تعالى حال الجنابة وغيرها ١/ ٢٨٢، وأبو داود في الطهارة باب الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر ١/ ٥، وابن ماجه في الطهارة، باب ذكر الله عز وجل على الخلاء ١/ ١١٠، وأحمد ٦/ ٧٠.