للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج المانعون بقوله صلى الله عليه وسلم: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره (١)».

قالوا: ولأنه مضمون على المسلم إليه بعقد السلم فلم تجز المعاوضة عليه قبل قبضه وحيازته كالمسلم فيه.

قال المجوزون: أما استدلالكم بالحديث: فقد تقدم ضعفه، ولو صح له بتناول محل النزاع، لأنه لم يصرف المسلم فيه في غيره، وإنما عاوض عن دين السلم بغيره فأين المسلم فيه من رأس مال السلم.

وأما قياسكم المنع على نفس المسلم فيه: فالكلام فيه أيضا وقد تقدم: أنه لا نص يقتضي المنع منه ولا إجماع ولا قياس.

ثم لو قدر تسليمه لكان الفرق بين المسلم فيه ورأس مال السلم واضحا، فإن المسلم فيه مضمون بنفس العقد، والثمن إنما يضمن بعد فسخ العقد فكيف يلحق أحدهما بالآخر؟ فثبت أنه لا نص في المنع ولا إجماع ولا قياس.

فإذا عرف هذا فحكم رأس المال بعد الفسخ حكم سائر الديون لا يجوز أن تجعل سلما في شيء آخر لوجهين:

* أحدهما: أنه بيع دين بدين.

* والثاني: أنه من ضمان المسلم إليه فإذا جعله سلما في شيء آخر ربح فيه وذلك ربح ما لم يضمن، ويجوز فيه ما يجوز في دين القرض وأثمان المبيعات إذا قسمت، فإذا أخذ فيه أحد النقدين عن الآخر وجب قبض العوض في المجلس لأنه صرف بسعر يومه لأنه غير مضمون عليه، وإن عاوض عن المكيل بمكيل أو عن الموزون بموزون من غير جنسه كقطن بحرير أو كتان وجب قبض عوضه في مجلس التعويض، وإن بيع بغير مكيل أو موزون كالعقار والحيوان فهل يشترط القبض في مجلس التعويض؟

فيه وجهان:

* أصحهما: لا يشترط، وهو منصوص أحمد.

* والثاني: يشترط.

ومآخذ القولين: أن تأخير قبض العوض يشبه بيع الدين بالدين فيمنع منه ومأخذ الجواز - وهو الصحيح - أن النسائين ما لا يجمعهما علة الربا


(١) سنن أبو داود البيوع (٣٤٦٨)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٨٣).