للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحج وصوم وجهاد وأمر بمعروف ونهي عن منكر ونحو ذلك، فإذا تعلقنا بالمشقة في كل شيء، فإن الدين ينهدم ولا يبقى لنا منه إلا اسمه.

والله تعالى يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وهو قدوة لأمته {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} (١) {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} (٢) والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لعائشة - رضي الله عنها - «أجرك على قدر نصبك (٣)».

والمشقة التي يذكرها العلماء ويجعلونها سببا للتخفيف ليس هذا موردها، وإنما جر الكاتب إلى هذا قلة فقهه، ودخوله فيما لا يحسنه.

وبما سبق بيانه يظهر بطلان ما اقترحه، وأنه مصادم للشرع لا يجوز الأخذ به ولا العمل به؛ لأن فيه إهانة للمسلم الذي كرمه الله وأعزه بالإسلام، وجعله كسائر الميتات التي يخشى منها من الحيوانات والجيف والكفرة ونحوهم، وهذا محرم باطل بالنص والإجماع.

وقبل أن أختم أحب أن أنبه على كلمة ذكرها الكاتب هي في حقيقتها خطيرة جدا، لكني أحسن الظن بالكاتب، وأنه لم يقصد حقيقتها، وإنما نبهت عليها لئلا ينخدع بظاهرها مسلم، وهي قوله " ومعلوم طبيا أن جثة الميت تحتوي على أنواع من البكتيريا التي أنهت حياته ".

فنقول الموت مخلوق خلقه الله لابتلاء عباده، يقول سبحانه {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (٤)، ثم أيضا موت العبد


(١) سورة الشرح الآية ٧
(٢) سورة الشرح الآية ٨
(٣) صحيح البخاري الحج (١٦٤٣)، صحيح مسلم الحج (١٢١١)، سنن الترمذي الحج (٩٣٤)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٧٦٣)، سنن أبو داود المناسك (١٧٧٨)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٠٠)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٣)، موطأ مالك الحج (٩٤٠)، سنن الدارمي المناسك (١٩٠٤).
(٤) سورة الملك الآية ٢