للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب قال ابن رشد -رحمه الله- في بداية المجتهد ونهاية المقتصد (١):

وأما بيع الطعام قبل قبضه فإن العلماء مجمعون على منع ذلك إلا ما يحكى عن عثمان البتي، وإنما أجمع العلماء على ذلك لثبوت النهي عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه (٢)» واختلف من هذه المسألة في ثلاثة مواضع:

أحدها: فيما يشترط فيه القبض من المبيعات.

والثاني: في الاستفادات التي يشترط في بيعها القبض من التي لا يشترط.

والثالثة: في الفرق بين ما يباع من الطعام مكيلا وجزافا، ففيه ثلاثة فصول:

الفصل الأول - فيما يشترط فيه القبض من المبيعات:

وأما بيع ما سوى الطعام قبل القبض فلا خلاف في مذهب مالك في إجازته، وأما الطعام الربوي فلا خلاف في مذهبه أن القبض شرط في بيعه، وأما غير الربوي من الطعام فعنه في ذلك روايتان:

إحدهما: المنع وهي الأشهر، وبها قال أحمد وأبو ثور إلا أنهما اشترطا مع الطعام الكيل والوزن.

والرواية الأخرى: الجواز.

وأما أبو حنيفة فالقبض عنده شرط في كل مبيع ما عدا المبيعات التي لا تنقل ولا تحول من الدور والعقار وأما الشافعي فإن القبض عنده شرط في كل مبيع، وبه قال الثوري، وهو مروي عن جابر بن عبد الله وابن عباس، وقال أبو عبيد وإسحاق: كل شيء لا يكال ولا يوزن فلا بأس ببيعه قبل قبضه، فاشترط هؤلاء القبض في المكيل والموزون، وبه قال ابن حبيب وعبد العزيز بن أبي سلمة وربيعة، وزاد هؤلاء مع الكيل والوزن المعدود، فيحصل في اشتراط القبض سبعة أقوال:


(١) ص: ١٠٨ - ١١١ / جزء: ٢.
(٢) صحيح البخاري البيوع (٢١٣٣)، صحيح مسلم البيوع (١٥٢٦)، سنن النسائي البيوع (٤٥٩٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٩٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، موطأ مالك البيوع (١٣٣٦)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٩).