للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج لمالك وموافقيه بحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه (١)» رواه البخاري ومسلم، وعنه قال: «لقد رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبايعون جزافا يعني الطعام فضربوا أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤوه إلى رحالهم (٢)» رواه البخاري ومسلم. وعن ابن عباس قال «أما الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهو الطعام أن يباع حتى يقبض (٣)». قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله، رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه (٤)» قال ابن عباس: وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكيله» رواه مسلم، وفي رواية قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يستوفى (٥)» وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تستوفيه (٦)» رواه مسلم قالوا: فالتنصيص في هذه الأحاديث يدل على أن غيره بخلافه قالوا: وقياسا على ما ملكه بإرث أو وصية. وعلى إعتاقه وإجارته قبل قبضه، وعلى بيع الثمر قبل قبضه.

واحتج أصحابنا بحديث حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبع ما لم تقبضه» وهو حديث حسن كما سبق بيانه في أول هذا الفصل. وبحديث زيد بن ثابت «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (٧)». رواه أبو داود بإسناد صحيح إلا أنه من رواية محمد بن إسحاق بن يسار عن أبي الزناد وابن إسحاق مختلف في الاحتجاج به وهو مدلس وقد قال: عن أبي الزناد والمدلس إذا قال: "عن" لا يحتج به. لكن لم يضعف أبو داود هذا الحديث. وقد سبق أن ما لم يضعفه فهو حجة عنده فلعله اعتضد عنده أو ثبت عنده بسماع ابن إسحاق له من أبي الزناد وبالقياس على الطعام.

(والجواب): عن احتجاجهم بأحاديث النهي عن بيع الطعام من وجهين:

أحدهما: أن هذا استدلال بداخل الخطاب والتنبيه مقدم عليه: فإنه إذا نهى عن بيع الطعام مع كثرة الحاجة إليه فغيره أولى.

والثاني: أن النطق الخاص مقدم عليه وهو حديث حكيم وحديث زيد.


(١) صحيح البخاري البيوع (٢١٣٣)، صحيح مسلم البيوع (١٥٢٦)، سنن النسائي البيوع (٤٥٩٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٩٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، موطأ مالك البيوع (١٣٣٦)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٩).
(٢) صحيح البخاري البيوع (٢١٣٧)، صحيح مسلم البيوع (١٥٢٦)، سنن النسائي البيوع (٤٦٠٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٩٨)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٧)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٩).
(٣) صحيح البخاري البيوع (٢١٣٥)، صحيح مسلم البيوع (١٥٢٥)، سنن الترمذي البيوع (١٢٩١)، سنن النسائي البيوع (٤٥٩٩)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٩٧)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٢١).
(٤) صحيح البخاري البيوع (٢١٣٣)، صحيح مسلم البيوع (١٥٢٦)، سنن النسائي البيوع (٤٥٩٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٩٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، موطأ مالك البيوع (١٣٣٦)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٩).
(٥) صحيح مسلم البيوع (١٥٢٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٤٩).
(٦) صحيح مسلم البيوع (١٥٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٢٧).
(٧) صحيح البخاري البيوع (٢١٢٤)، صحيح مسلم البيوع (١٥٢٦)، سنن النسائي البيوع (٤٦٠٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٩٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، موطأ مالك البيوع (١٣٣٧)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٩).