للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن دين الله لا يؤخذ بالرأي أو الهوى، وما ضل من ضل من الطوائف والفرق إلا عندما ابتعدوا عن الكتاب والسنة، وابتدعوا من عند أنفسهم عبادات لم يأذن بها الله ورسوله.

ولذلك فإن التفكر الذي ينتفع به صاحبه هو الذي يبعث على التأسي بالكتاب والسنة، قال بكر بن خنيس: (قلت لسعيد بن المسيب - رحمه الله - وقد رأيت قوما يصلون ويتعبدون: يا أبا محمد ألا تتعبد مع هؤلاء القوم؟ فقال لي: يا ابن أخي إنها ليست بعبادة.

قلت له: فما التعبد يا أبا محمد؟ قال: التفكر في أمر الله، والورع عن محارم الله، وأداء فرائض الله تعالى) (١).

وقول هذا التابعي الجليل ليس تقليلا من شأن الصلاة، فهو الذي يقول عن نفسه: ما فاتتني الصلاة في جماعة أربعين سنة، ويقول: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد، وحج أربعين حجة (٢).

ولكنه يعني التوازن في حياة المسلم، بين التفكر وأداء الفرائض ومعاملة الخلق. وجاء في رواية أخرى عن صالح بن محمد بن زائدة أنه رأى فتية يروحون بالهاجرة إلى المسجد، ولا يزالون يصلون حتى يصلى العصر، فقال لسعيد: هذه هي العبادة لو نقوى على ما يقوى


(١) انظر: أبا نعيم، حلية الأولياء ج١، ص ١٦٢
(٢) انظر: أبا نعيم، حلية الأولياء ج٢، ص١٦٢، ١٦٤