للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (١) {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (٢).

قال البقاعي - رحمه الله -: (لما كانت آيات المعرفة إما في الآفاق وإما في النفس وكانت آيات الآفاق أعظم، قال: (في خلق السماوات والأرض) على كبرهما واتساعهما وقوة ما فيهما من المنافع (٣) قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (٤).

وقد دعا الله عباده للتفكر في خلق السماوات والأرض، وذلك لما فيهما من الآيات العجيبة التي تبهر الناظرين، وتقنع المتفكرين، وتجذب أفئدة الصادقين، ولتنبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية، أما تفصيل ما اشتملت عليه، فلا يمكن أن يحصره مخلوق أو يحيط ببعضه، وفي الجملة فما فيها من العظمة والسعة وانتظام السير والحركة يدل على عظمة خالقها، وعظمة سلطانه، وشمول قدرته، وما فيها من الإحكام والإتقان، وبديع الصنع ولطائف الفعل، يدل على حكمة الله ووضعه الأشياء مواضعها وسعة علمه، وما فيها من المنافع للخلق يدل على سعة رحمة الله، وعموم فضله، شمول بره،


(١) سورة آل عمران الآية ١٩٠
(٢) سورة آل عمران الآية ١٩١
(٣) انظر: البقاعي، نظم الدرر، ج ٢، ص ١٩٧
(٤) سورة غافر الآية ٥٧