للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأن هذا ورد وفق ما كان يتداوله العرب في الجاهلية.

ومما قاله الزمخشري في تفسير الآية: وتخبط الشيطان من زعمات العرب، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع، والخبط الضرب على غير استواء، فورد على ما كانوا يعتقدون، والمس الجنون، ورجل ممسوس، وهذا أيضا من زعماتهم، وأن الجني يمسه فيختلط عقله، وكذلك جن الرجل معناه ضربته الجن، وفي رؤيتهم للجن قصص وأخبار وعجائب (١).

وقالوا إن ما جاء في الآية، إنما كان وفقا لما يتداوله العرب، وليس بتقرير وتأكيد لهذه الدعوى، ويشبه هذا ما جاء في قوله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} (٢).

فرؤوس الشياطين لم يشاهدها الناس، ولكنهم يتصورونها بصورة بشعة منفرة.

وقالوا: إن الروايات الواردة في صرع الجن للإنسان لم يصح منها شيء، وهذه المسألة من مسائل العقيدة، ولا يصح الجزم فيها بناء على الأدلة الظنية.

وقالوا أيضا: إن هذه الآية شبيهة بقوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} (٣).


(١) تفسير الكشاف ١/ ٣٩٩.
(٢) سورة الصافات الآية ٦٥
(٣) سورة ص الآية ٤١