للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد جعل الله تعالى طريق تعامل الناس، واستفادة كل منهم من الآخر، عن طريق العمل، والربا زيادة في المال دون عمل.

ويختلف البيع عن الربا؛ لأن البيع يلاحظ فيه انتفاع المشتري بالسلعة انتفاعا حقيقا، أما الربا فهو إعطاء الدراهم وأخذها مضاعفة في وقت آخر، وهي غالبا لا تعطى بالرضا، بل بالكره والاضطرار.

وكذلك فإن الربا يؤدي إلى تكدس المال في أيدي فئة قليلة من الناس، تجعل عملها مقصورا على استغلال المال بالمال، وما نشاهده في العصر الحاضر أكبر دليل على ذلك.

فالمال مكدس عند أصحاب البنوك، وشركات التأمن، وما شابهها، ويتحكم هؤلاء في كل شيء، ويكفي أن نشير إلى ما فعله اليهود ويفعلونه الآن، من تحكم واستغلال لشعوب الأرض قديما وحديثا، وذلك باعتماد الربا والوسائل المحرمة لجمع المال.

والربا كذلك يؤدي إلى وقوع الضغينة والبغضاء بين أفراد المجتمع الواحد، الذي يجب أن تسوده الرحمة والإخاء.

كما أنه يفضي إلى امتناع الناس عن تحمل المشاق، في الكسب والتجارة والصناعة؛ فيؤدي إلى انقطاع مصالح الخلق، ويفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس.

ولا يقال: إن رأس المال لو بقي في يد صاحبه لاستفاد منه وربح بالمتاجرة فيه، فلما دفعه للمحتاج جاز له أن يأخذ زيادة عن رأس ماله، مقابل تعطل الانتفاع بهذا المال (١).


(١) تفسير آيات الأحكام للسايس ١/ ١٦٨.